عائشة بنت شقرون الفخار
"ومنهم أم أحمد السيدة عائشة بنت سدي شقرون الفخار. قال سيدنا الجد -رحمه الله- في المقصد: هي السيدة الزكية الكاملة الطبية المطهرة، الخيرة المنورة، ذات البراكات الواضحات، والأنوار اللائحة، والأعمال الصالحة، والمتاجر الرابجة، والأخلاق الكريمة، والسيرة المستقيمة، أم أحمد السيدة عائشة بنت السيد الأمثل الولي الجليل: ذي البركة الغزيرة والأنوار، سيدي شقرون الفخار، رحمه الرحمان، ووالى عليه المنة والرضوان. كانت-رحمها الله تعالى- من الصالحات القانتات القائمات، الحازمات، المطيعات لله، المتابعات لسنة رسول الله، معتنية بأمر الدين، ماسكة بحبله المتين، مصروفة الوجهة إليه، مجموعة القلب عليه، لا تعرف منذ نشأت سواه، ولا تلتفت لما عداه، ولها من الصلاح مكانة علية، ومرتبة سنية، وحظ عظيم من البر والإحسان، والتفضيل والامتنان، فكانت-رحمها الله- كثيرة البرور والإرضاء لوالدها سيدي شقرون المذكور، بالغة في ذلك الغاية، وواصلة فيه حد النهاية، قائمة بحقوق بعلها الشيخ سيدي محمد –رضي الله عنه- مطيعة لأمره وكلامه، شديدة الاعتناء بشأنه ومرامه، تتحرى مراده، وتهتم بما أراده، سالبة له الإرادة، وممتثلة له منقادة، تجل قدره، وتعظم أمره، وتراعي فيه حق مولاه، وما خوله وأولاه، كثيرة الصدقة من عمل يدها على الفقراء، والمساكين والضعفاء من أصحاب بعلها المنتسبين إلى الله، والمجموعين به على الله، تواسي مديانهم، وتعين محتاجهم، بالهبة الكثيرة، والمنحة الغزيرة، من حيث لا يشعرون بما صرفت من ذلك عليهم. لكونها تمكنه من يد بعلها الشيخ سيدي محمد ليوصله إليهم، قوالة للحق، ناصحة للخلق، تحض على الدين، وسنن المتقين، وتحمل أولادها وأقاربها عليه، وترشدهم بالتي هي أحسن إليه، كثيرة النصح لهم، والرحمة بهم، حافظة للسانها عما لا يعني، آمرة بذلك، مجتنبة لكل ما يتقى هنالك. كثيرة الأذكار، والصلاة على النبي المختار، مواظبة على ذلك أناء الليل وأطراف النهار، وسمعت سيدي المهدي الفاسي-حفظه الله- يقول سمعت الشيخ سيدي محمد بن عبد الله بعد موت زوجته هذه يقول: إنها كانت لا يفتر لها لسان عن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وذكر لنا من غيره من الأصحاب أنه سمع الشيخ سيدي محمد يقول فيها أيضا بعد موتها: إنها من اللواتي يزرن، وكانت البركة معها مصحوبة في أمورها وكافة شؤونها. سمعت ولدها سيدي أبا العباس-رضي الله عنه- يقول: إنها كانت لها برمة صغرى تطبخ بها دائما، ويأكل منها أهل الدار والأضياف إن أتوا، لا تزيد على مقدراها ولا تبدلها بغيرها، وتتناول ذلك بيدها، ولا تدع من يتناوله معها، فيكفيهم ذلك كائنين ما كانوا. وقال لها مرة زوجها الشيخ سيدي محمد: إني أرى امرأة تعينك وتصنع معك ما تصنعه. وكانت لا تحتكر شيئا ولا تدخره، بل تصرف ما يأتي من فوره على العيال والأقارب، فلما ماتت وتزوج سيدي محمد امرأة أخرى لم يبق الأمر على ما كان عليه وظهر أثر ذلك. انتهى كلامه في المقصد. ثم قال: توفيت-رضي الله عنها- في شهر رمضان سنة سنة وخمسين وألف. ودفنت وراء بعلها الشيخ سيدي محمد داخل القبة. انتهى باختصار." محمد بن الطيب القادري :نشر المثاني لأهل القرن الحادي عشر والثاني عشر، تحقيق محمد حجي وأحمد توفيق، الجزء الثاني، دار المغرب الرباط،1977.ص:38-39-40-41.