حاحة في كتاب وصف أفريقيا
حاحة منطقة من مملكة مراكش على المحيط من الغرب والشمال. وتنتهي جنوبا عند جبال الأطلس وفي الشرق تتوقف عند نهر أسيف اينوال الذي ينبع من هذا الجبل ويصب في نهر تانسيفت، ويفصل هذا النهر بلاد حاحة (من اسم قبيلة بربرية إيحاحان)عن المنطقة المجاورة. تبدو هذه المنطقة وعرة جدا، مليئة بالجبال العالية الصخرية وبالغابات والأودية المائية الصغيرة. وهي مأهولة جدا بالسكان. ويوجد فيها عدد ضخم من الماعز والحمير، ولكن القليل من الضأن، وأقل من ذلك من الأبقار والخيول. ولا نجد هنا سوى القليل من الثمار، ولا ينتج هذا عن عدم مواءمة التربة، بل عن جهل السكان، لأني رأيت في عديد من الأماكن أن التين والدراق يكثران فيها، وهكذا لا ينبت هنا سوى القليل من القمح في حين تكثر كميات الدخن والذرة البيضاء والشعير. ويكون إنتاج العسل وفيرا، وهو الذي يعتبر الغذاء العادي للسكان. ولما كانوا لا يعرفون ماذا يصنعون بالشمع فهم يهملونه. ونجد هنا عددا كبيرا من الأشجار الشوكية التي تنتج ثمرة بحجم حبات الزيتون الذي يأتيننا من إسبانيا. وتدعى هذه الثمرة في اللغة المحلية"الهرجان" ويستخرج منها زيت رديء الرائحة جدا، ولكنه مع ذلك يستعمل في الغذاء وفي الإضاءة. من عادة سكان هذه المنطقة أكل خبز الشعير. ويصنع هذا النوع-وهو إلى القرصة أدنى منه إلى الخبز- بلا خميرة. ويشوى في مقلاة من فخارها شكل غطاء كمشواة فطائر الحلوى، ويندر أن يخبز في تنور. وهناك نوع من طعام يدعى العصيد، يتم تحضيره على الصورة التالية: يغلى الماء في قدر، ثم يرمى فيه دقيق الشعير الذي يحرك بعصاة إلى أن ينضج، ثم يسكب هذا الحساء في قصعة عميقة ويصنع في وسطها تجويف يصب فيه زيت الهرجان. وتجتمع الأسرة حول القصعة ويأخذ كل واحد ما يستطيع بدون استعمال ملعقة سوى اليد إلى أن يؤتى على كل ما فيها. أما في الربيع وخلال كل الصيف فيغلى الدقيق المذكور في الحليب ويوضع فيه السمن. تلك هي وجبة العشاء العادية. أما وجبة الغذاء فتتألف شتاء من الخبز والعسل وغي الصيف من الحليب والزبدة. ويؤكل اللحم المسلوق أيضا مع البصل والفول أو يكون اللحم مصحوبا بنوع من طعام يدعى الكسكسي ولا يستعمل الخوان ولا السماط. بل تمدد حصيرة مستديرة على الأرض ويؤكل فوقها.