تأسيس مدينة شالة المغربية
ورد عند ابن أبي زرع الفاسي:الأنيس المطرب بروض القرطاس في أخبار ملوك المغرب وتاريخ مدينة فاس،دار المنصور للطباعة، الرباط 1972،ص: 371 . أن شالة اسم حاضرة مغربية عتيقة، واقعة على نهر أبي رقراق غير بعيدة عن مصبه في المحيط الأطلسي، حيث المدينتان التاريخيتان، الرباط وسلا، كانت في الأصل قرية بربرية، وأنشأ بها القرطاجيون متجرا عرف في عهدهم باسم سلفيس، ثم احتلها الرومان وسموها سلا- كولونيا. وكانت في نهاية ما امتد إليه نفوذهم وانبسط عليه حكمهم في أرض المغرب الأقصى، واستمرت شالة مستعمرة رومانية مدة تقرب من خمسمائة عام إلى أن ضعف أمر الرومان فتدهورت وخربت، يقال إن الوندال هم الذين خربوها، وذلك غير صحيح لأن أقدامهم لم تطأ المغرب الأقصى، ولما فتح عقبة بن نافع المغرب أسلم أهلها على يديه ثم ارتدوا بعد استشهاده في تهوده إلى أن أسلموا مرة ثانية على يد موسى بن نصير. فتحها الإمام إدريس وتداول أبناؤه ملكها من بعد إلى أن انتزعها منهم موسى ابن أبي العافية سنة 317ه وفي أواخر القرن الرابع هجري صارت عاصمة لليفرنيين، وخربت بعد ذاك خلال الحرب التي جرت بين برغواطة والمرابطين، وفي هذا التاريخ زارها الشريف الإدريسي الجغرافي المغربي الشهير، ووصفها بأنها خراب وبها بقايا بنيان وهياكل سامية، ولما أسس الموحدون الرباط أقفرت شالة لما انتقل إليه أهلها وحرفها وصنائعها، وحاول المرينييون بعدهم تجديد بنائها فسورها وبنوا بها مدراس ومساجد واتخذوها مدفنا لملوكهم وأعيانهم. ولكن ذلك لم يعد إليها الحياة، وقد بدأ في أول هذا القرن في رفع أنقاضها وترميم أثارها ثم توقف ليستأنف في السنين الأخيرة.