أهم الوديان بالمصابيح الطالعة
يخترق بلاد المصابيح الطالعة مجموعة من الوديان الجارية، كانت محل سكنى الناس، ومحط رحالهم ، ومهوى أفئدتهم، وكلها كانت جارية صيفا وشتاء، وعلى جنباتها الحقول والبساتين والأشجار المثمر والأعناب الدانية، وظلت سقياهم ومغسلهم إلى العقود الأخيرة، فانحبست تلك العيون، وجفت تلك المنابع، ويبست الأشجار وانمحى أثارها ، كأن لم تغن بالأمس، ومن هذه الوديان التي حطت بشطها أناس وكونوا مجتمعات سكنية بالحجر والتراب بعد أن كانت مساكنهم القش والنوايل: - وادي الحَلُّوف: وهو أكبر الوديان وأشهرها وأطولها وأخصبها، يفصل بين المصابيح الطالعة وذو بلال، وكان يسكنه الخنزير البري فنسب له، فللمصابيح ضفته الشمالية، ولذو بلال ضفته الغربية، ومبدؤه من بلاد أولاد الدليم ومصبه في وادي تانسيفت، وقد حط بالقرب منه، دواوير كثيرة، أقربها إليه "أولاد بن عيدة"، ثم "الحميدات" و"القواسم" و"العبادلة" و"البروكات"وهذه كلها من بلاد المصابيح، وكلها كانت تورد مواشيها منه، وتغسل فيه، وتستقي منه أحيانا، ومن بلاد العرب "ذو بلال" و "دوار الحجرة" و"أولاد عمَر"... - وادي الخُنيگ: وهو دون الأول مبدؤه من بلاد المريتيمة وتصب فيه شعاب كثيرة إلى أن تجتمع بالقرب من مقبرة دوار بئر الشحم، وعند هذا الملتقى كانت تنبع عين جارية طلية السنة عقلتها لما كنت أجتازها للذهاب إلى المدرسة، وكان على جنباته القصب الكثيف المخوف، وحط بالقرب منه قديما "القداردرة" و"سيدي عبد السلام بن الكاملة" و"أولاد حمو" و"الميدات"، وقد جف هذا المجرى قبل سنوات وانقلع القصب وصار حطبا، وأنطمس آثاره، ولم يبق أثر لـ"بحيرة عمي خَلُّوق" الملئية بشجر الكرم "التين" حتى اشتهر ذلك النوع من التين "بكرمة عمي خلوق". - وادي النّعَيّْمَة: وهو دون الأولين فيما أظن، ومبدؤه من بلاد المريتيمة وأولاد معاشو، وتجمع فيه هاتان الشعبات في عقب المقبرة، وسمي بذلك كما يحكى أنه كان يسكنه النعام بكثرة، مع غيره من الوحش، وكان مخوفا لا تستطيع عبوره أعزلا دون عصا أو شفرة أو حربة، كثير أشجار الخرواع والدفلة والكطفة...، واستأثر بالاستقرار قربه "الباشتة النعيمة" ونسبوا له، فأخصبوا بمقامهم قربه وأثروا وكثروا، وقد جفّ هذا المنبع قبل سنوات حتى عطش أهل الدوار فلم تغنهم آبار الدوار ولا آبار البحائر. - وادي الخرواع: وكان كثير الخرواع، تصب فيه العديد من الشعاب، وينتهي بالصب في وادي تانسيفت، وعقلت على عين به دائمة بين الجبيلن في الفج، وتسكنه السلاحف، ولكنها جفت وغارت، ولله الأمر من قبل ومن بعد. وهناك أودية أخرى دون ما ذكرنا استغنينا عن ذكرها؛ لأنها لم تكن محط اهتمام الناس ولا دائمة الجريان....، أما بلاد المصابيح اليوم فليس فيها واد فيه عين جارية إلا وادي الحلوف في زمن الشتاء إذا كانت الأمطار كثيرة، فتنعش الفرشة المائية....فنسأل الله أن يسقينا ويغيثنا غيثا نافعا.... إنه سميع مجيب الدعوات.