جدل حول تعديل المادة الرابعة: التحديد الجغرافي لعمل المرشد السياحي، إصلاح أم عائق للتطور

التحديد الجغرافي لعمل المرشد السياحي

جدل حول تعديل المادة الرابعة: التحديد الجغرافي لعمل المرشد السياحي، إصلاح أم عائق للتطور

بقلم: سعيد لكبوري

تزامنًا مع اقتراب موعد مناقشة التعديلات المقترحة على المادة الرابعة من القانون المنظم لمهنة الإرشاد السياحي في المغرب، تعود قضية التحديد الجغرافي لعمل المرشد السياحي إلى الواجهة، مثيرةً نقاشًا واسعًا بين مؤيد ومعارض. البعض يراها خطوة نحو تعزيز جودة الخدمة عبر استغلال المعرفة المحلية للمرشدين، بينما يرى آخرون أنها تُقيّد حرية العمل وتُعمّق الفوضى داخل القطاع.

التحديد الجغرافي: بين مؤيد ومعارض

دوافع التأييد
يؤكد المدافعون عن التعديل أن تخصيص نشاط المرشد السياحي لمنطقته يمكن أن يُسهم في:  

تحسين جودة الإرشاد السياحي:
   - المرشد المحلي يمتلك خبرة أكبر في تفاصيل المنطقة، مما ينعكس إيجابًا على تجربة السائح.  

توسيع فرص العمل محليًا:  
   - سيحد التعديل من التنافسية غير العادلة بين المرشدين من جهات مختلفة، ما يُتيح فرصًا متساوية لكل مرشد داخل منطقته.

دعم التنمية الجهوية: 
   - دفع المرشدين المحليين للابتكار وتقديم جولات تبرز معالم المناطق الأقل شهرة سياحيًا.

مخاوف المعارضين:
في المقابل، يعبر الرافضون للتعديل عن قلقهم إزاء:  

تقييد حرية العمل:
   - سيُحرم المرشدون المتميزون من فرص عمل خارج مناطقهم، خاصة في الوجهات السياحية الرئيسية.  

إضعاف التنافسية المهنية:  
   - تقليص التنافس قد يؤدي إلى تراجع مستوى الخدمات المقدمة.

سيطرة "اللوبيات" المحلية: 
   - قد يُستغل التعديل لتعزيز نفوذ بعض الفاعلين داخل القطاع، مما يزيد من هيمنتهم على خدمات الإرشاد السياحي.

الإضرار بالتجربة السياحية:  
   - تقييد المرشدين قد يُحرم السائح من مرشد متميز يمكنه تقديم تجربة سياحية ثرية بغض النظر عن موقعه.

اللوبيات واستغلال النصوص التشريعية
من أبرز المخاوف التي تُطرح أن يكون هذا التعديل فرصة لتقوية نفوذ مجموعات معينة داخل القطاع، خاصة تلك التي تمتلك مصالح اقتصادية مرتبطة بالسياحة، مثل البزارات،  مالكي الرياضات وسيارات الاجرة.. وتشمل أبرز المخاوف:  
- فرض مرشدين غير مؤهلين: 
  الدفع بعناصر غير مؤهلة تُخدم مصالح تلك الجهات بدلًا من الكفاءة المهنية.  
- تقويض استقلالية المرشدين:  
  تقييد المرشدين جغرافيًا قد يُجبرهم على قبول شروط عمل غير عادلة.  
- الاحتكار التدريجي:
  تعزيز سيطرة "اللوبيات" على القطاع وتحجيم قدرة المرشدين المستقلين على تقديم خدماتهم بحرية.

أسئلة مشروعة: 
يبقى هناك عدد من الأسئلة التي تحتاج إلى إجابات واضحة:  
1. هل سيُسهم التحديد الجغرافي فعلًا في تحسين جودة الخدمة؟  
2. ما الآليات التي ستُضمن من خلالها معايير اختيار المرشدين بعيدًا عن المصالح الشخصية؟  
3. هل ستُلبي هذه التعديلات تطلعات السوق السياحي العالمي، أم أنها ستُضعف تنافسية السياحة المغربية؟  
4. كيف ستُحافظ السلطات على حقوق المرشدين دون تقييد حريتهم المهنية؟

نحو حل متوازن 
إذا كان الهدف من هذا التعديل هو الارتقاء بالقطاع، فإن أي خطوة نحو تفعيله يجب أن تراعي التوازن بين دعم التنمية المحلية وضمان حرية العمل للمرشدين. ولتحقيق ذلك، يمكن اقتراح:  
. تطبيق معايير تأهيل واضحة: 
   - ربط منح تراخيص المرشدين بالكفاءة المهنية والتكوين المستمر، بعيدًا عن أي اعتبارات أخرى.  

. تفعيل منصات إلكترونية مستقلة: 
   - السماح للسياح باختيار المرشدين بناءً على تقييماتهم وخبراتهم بغض النظر عن مكان إقامتهم.  

. تشجيع التخصص الجهوي:
   - بدلًا من التقييد الجغرافي، يُمكن تشجيع المرشدين على التخصص في مناطق معينة مع إبقاء حرية العمل في مناطق أخرى.

. مكافحة الاحتكار والاستغلال:
   - فرض رقابة صارمة على أي استغلال للتعديلات الجديدة، مع تطبيق عقوبات رادعة على المخالفين.

خاتمة  
يبقى النقاش حول المادة الرابعة جزءًا من حوار أوسع حول مستقبل مهنة الإرشاد السياحي في المغرب. التوجه نحو تحسين الخدمات وتعزيز فرص العمل يجب ألا يكون على حساب حرية المرشدين أو جودة التجربة السياحية. وفي النهاية، يبقى السؤال مطروحًا: هل ستُحقق هذه التعديلات نقلة نوعية للمهنة أم أنها ستُعيد إنتاج مشاكل جديدة قد تعصف بقطاع حيوي مثل السياحة؟